التراث الأدبى السنة الثانية العددالسابع
نوشته شده توسط : يعقوب پورنجف

التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
المقدمة
صلات الفرس والعرب قبل الإسلام وبعده
إنّ الحدود الجغرافية بين الفرس والعرب أكثر من ألف كيلومتر، وكانت هاتان الأمّتان
جارتين منذ آلاف السنين، ومازالتا وقد ربطت بينهما أواصر المحبة والودّ وحسن الجوار
قبل الدين الإسلامي الحنيف وبعده، وخير شاهد على ما نقول، أثر الصداقة الفارسية
العربية في الأدب العربي قبل الإسلام.
فقد هاجم الأحباش جنوب الجزيرة العربية عن طريق البحرالأحمر، وذلك قبل ظهور
الدين الإسلامي الحنيف، ودافع الفرس عن العرب هناك، حيث كانت تربطهم أواصر
المودة مع قبيلة (حِمْير) وهي من القبائل العربية الكبيرة، فقد عبَر الجنود الإيرانيون مياه
الخليج، حتى وصلوا إلى جنوب الحجاز، وقضوا على الأحباش وأنقذوا أبناء حِمْير مما
لحقهم من ظلم على أيدي الأحباش، وذكر المسعودي في كتابه (مروج الذهب) شعراً
لأحد الشعراء الفرس الذين كانوا ينظمون أشعارهم باللغة العربية.
الموضوعات
عالجت حِكمُ الفرس وآدابُهم مسائل وقضايا كثيرة ومُعقّدة، كانت لها أصداء عالية
في حياتهم، حيث وضعت مقاييس للسلوك الاجتماعي، تضمن خير المعاش والمعاد.
وتناولت مسائل سياسية واجتماعية ونفسية، وبعض قضايا اقتصادية وعسكرية ذات
مساس كبير بحياة الناس والمجتمع في ذلك الزمان. وفي هذا المقام يمكن اعتداد
الموضوعات التي أثارها ابن قتيبة في عيون الأخبار وابن عبد ربه في العقد الفريد،
تأثّرات مباشرة بموضوعات الحِكم الفارسية. على أن الغايات البعيدة لهذه الحِكم
والآداب يمكن إبرازها وحصرها في اتجاهين اثنين:
1.
المحافظه على المُلك، واستمرار بقائه بعيداً عن العابثين. 2. إصلاح النفس،
والحضّ على السيرة الفاضلة في الحياة، ثم تحقيق المآل المرغوب في الآخرة عن طريق
اتباع ضروب من السلوك توصل إلى هذه الغايات.
وإذا شئنا تحديداً أكثر لموضوعات هذه الحِكم، فإننا نجدها تدور في الأفلاك
Archive of SID
www.SID.ir
43
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
موضوعات الحِكم والوصايا الفارسية وتوجّهاتها
التالية:
السلطان وما يتصل به.
مسائل اجتماعية (التآخي، المشورة، الشكر، الحوائج...).
النفس الإنسانية وما فيها من خلال مُرْديه وخلال منجية، أو ما سَمّاهُ ابنُ قتيبة
(
الطبائع).
الدين وأهدافه البعيدة (الموضوعات الدينية).
موضوعات أخرى جاءت عارضة على هامش الموضوعات السابقة.
أولا: الموضوعات
احتفت الحِكم الفارسية كثيراً بموضوع السلطان والملك، ولا غرو في ذلك؛ فقد كان
المَلك شغلهم الشاغل، وكان المَلِك ظِلّ الله في أرضه عندهم، ويعتقدون أنه مزوّدٌ بحق
إلهي لا رادَّ له ولا غاصب. وقد عُرِف الإيرانيون منذ زمن سحيق بامتلاكهم أمثل نظام
سياسي واجتماعي واضح القسمات بين الملامح، بالقياس إلى الأمم الأخرى المعاصرة
لهم.
وموضوع السلطان موضوع حسّاس ودقيق، فتكفي كلمة تنبس بها شفتا المَلك في
ساعة شؤم لأزهاق أرواح بشرية كثيرة العدد؛ وانسياب ضئيل في تيار الهوى والتعصب
المقيت يورث الدّمار والهلاك لأمة بأكملها؛ وتهاون بسيط في تنفيذ القوانين يجر وراءه
عنتاً ونصباً لكيان بشري كبير. وإذا فالسلطان كان أمراً من صميم حياة الفرس، ولاغرابة
أن يحتلَّ مركز الصدارة في حِكم الحكماء ونتاجات عقول الأذكياء والفقهاء.
وعلى الإجمال يستطيع الباحثُ أن يحددّ الأفكار التي انطوت عليها حِكم الفرس
المتعلقة بالسلطان على النحو التالي:
بقاء السلطان واستمراره: ويمكن أن يصنف في هذا المجال الحِكم المنسوبة إلى
لاسلطان إلاّ برجال، ولا رجالَ إلاّ بمالٍ، » أردشير في عهده المشهور، إذْ يقول أردشير
ابن بابك، 1967 م: 87 ؛ والثعالبي، ) «. ولا مالَ إلاّ بعِمارةٍ، ولا عمارةً إلاّ بعدل وحسن سياسة
( 1301
ق: 12
Archive of SID
www.SID.ir
44
التراث الأدبى
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
عَدلُ الحاكم: وكثيرة هي الحِكم الفارسية التي تتناول هذه الفكرة، ومنها قول أردشير:
لا يكون العمران حيث يجور السلطانُ، وسلطانٌ عادل خيرٌ من مطر وابلٍ، وأسدٌ حطوم »
ابن بابك، 1967 م: 99 ؛ والثعالبي، ) «. خيرٌ من مَلِك ظلومٍ، وسلطان غشوم خير من فتنةٍ تدومُ
( 1301
ق: 12
مَنْ ظلمَ مِنَ الملوكِ فقد » : ظلم الحاكم: ومثل ذلك الحكمة المنسوبة إلى أوشهنج
ابن ) «. خَرجَ مِنْ كرم الملكِ و الحريةِ، وصار إلى دناءة الشر والتشبه بالرعية والعبيد
(
مسكويه، 1952 م: 12
إنحطاط ألف من العِلْية أحمد عاقبةً من » : أهلية الحاكم: كقول سابور بن أردشير
(
الثعالبي، 1301 ق: 13 ) «. ارتقاع واحد من السِّفْلة
قال: أيّ الملوك أفضلُ؟ قلتُ: أرأفهم » : أفضل الملوك: جاء في آداب بزرجمهر
(
المصدر نفسه: 35 ) «. بالرعية، وأعظمهم عفواً، وأحرصهم على المعروف
الملوك ومجالس العلم: يذكر أن أنوشروان سُئِل: فما الخصلة الواحدة الجامعة لنفي
أن يكون متعلقاً بمجالسة العلماء وأهل الفضل، » : قالة الحسدة والأعداء عن الملوك؟ قال
(
المصدر نفسه: 60 ) «. آخذاً بمحاسن أفعالهم
وثمة أفكار كثيرة تناولتها الحِكم الفارسية المرتبطة بالسلطان، ولعلّنا قد عرضنا
أكثرها دورانا على ألسنة حكماء فارس وأكثرها اتصالاً بموضوع السلطان.
الحِكم الفارسية ذات الموضوع الاجتماعي
اهتمت حِكم الفرس بعلاقة الإنسان، تلك العلاقة التي تُعدُّ أساساً لقيام الكيان
الاجتماعي المتماسك البنيان المتراصّ الصفوف. وتنطلق هذه الحِكم من مبدأ الحاجة
الاجتماعية إلى الآخرين في كلّ مجتمع بشري. ولعلّ أهم القضايا الاجتماعية التي
تَعرضّت لها حِكم الفرس ونصائحهم وآدابهم هي:
التآخي (الصداقة): في خضمِّ الحياة المتلاطم الأمواج تظهر حاجة الإنسان إلى
من يأخذ بيده إلى شاطئ الأمان، وإذْ ذاك فلا سبيل إلاّ الأصدقاء والأعوان، الذين
يبثهم الإنسان شكواه ويحكي لهم بلواه، فيجد منهم كلّ عون وتأييد. ولكن الخلّ الوفي
Archive of SID
www.SID.ir
45
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
موضوعات الحِكم والوصايا الفارسية وتوجّهاتها
والصديق الصادق هو ثالث ثلاثه يندر وجودهم في واقع الحياة، حيث يغيبُ الكيد
والمكر والخداع وراء ستور الزيف والبهرج. وإذا فلا بدّ من أصول وقواعد تحدد للإنسان
مساراً صحيحاً حين يختار أصدقاءه وإخوانه. وقد كثرت الحِكم الفارسية التي تعالج
خصالٌ يعرفُ بها إخوان » : هذا الموضوع. من ذلك  مثلاً  ما جاء في آداب بزرجمهر
العلانية: أن يسترَ الرجلُ منهم علي أخيه ما يعرفه من عيبٍ فيه، وأن يحضره بما يحبّ
ويغيب عنه ما يكره، ولا يخذله عند الشدة، ولا يحسده في الرّخاء ولا يشمتُ به في
المصيبة، ولا يكتمه سِرّهُ، ولايفشي عليه أسراره، ولايحرشه علي إخوانه، ولايسأله ماله،
المصدر نفسه: 19 ) والمحافظة علي الأصدقاء واكتسابهم موضوع ) «. ولايضن عليه ماعنده
قيل: مَنْ أكثرُ صديقاً؟ قلتُ: المتواضعُ، اللين » : خطير، وقد جاء في آداب بزرجمهر
(
المصدر نفسه: 16 ) «. الكلمة، العظيم الخطر، الحَمول للمؤونات
المشورة: تعلق الحِكم الفارسية كبير اهتمام علي موضوع التشاور والتناصح؛ لما
يمثله من اجتماع الآراء لينتخب منها أكثرها سداداً وصواباً. وينسبُ إلى أوشهنج قوله:
(
ابن مسكويه، 1952 م: 17 ) «. المستشيرُ متحصّنٌ عن السّقَط، والمُستبدُّ مُتهورٌ في الغلط »
قيل لقباذ: أيّ شئ أنفعُ » : وتشير الحِكم الفارسية بجرأة إلى ضرورة المشورة، إذ يقال إنه
للعاقل؟ وأيّ شئ أضرّ له؟ قال: أنفعُ له مشاورة العلماء، والتجربة، والتؤدة؛ وأضرها له
ومشورة الجاهل عديمة الجدوى وينبغي «. الكسل، واتباع الهوى، والعجلة في الأمور
المصدر ) «. أيّ الأشياء أخلفُ؟ قال: مشورة الجاهل » : الابتعاد عنها؛ فقد سُئِل أنوشروان
القرطبي، لاتا: ) «. حسب ذا الرأي له أن يستشيرعالماً، ويطيعه » : نفسه: 53 ) و قال بزرجمهر
أفره الدواب لاغنى به عن السوط، وأعفّ النساء لاغنى بها عن الزواج، » : 45 ) وقال
(
المصدر نفسه: 455 ) «. وأعقلُ الرّجال لاغنى به عن المشورة
ابن مسكويه، 1952 م: ) «. ثابرعلي الشكر تكن مستوجباً » : وجاء في مواعظ آذرباذ لابنه
الصبرُ من الشكر، والشكرُ من الفضيلة وهما نوعان: » : 26 ) وينسبُ إلى أنوشروان قوله
صبرٌ علي طاعه الله تعالي. فالصبرعلي طاعه الله أداء الفرائض، والصبرُ عن معصية الله
(
المصدر نفسه: 51 ) «. اجتناب المحارم
وتدعو حكمة الفرس إلى إسداء المعروف وبذل العون لإخوان المنشأ والمعاد، فقد
Archive of SID
www.SID.ir
46
التراث الأدبى
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
هل يستطيع أحدٌ يفعل المعروف من غير أن يرزأ شيئاً؟ قال: نعم، مَنْ » : سُئِلَ بزرجمهر
ومن هذا القبيل أيضاً «. أحببتَ له الخير، وبذلتَ له الودّ، فقد أصاب نصيباً من معروفك
إذا أقبلتْ عليكَ الدنيا، فأنفق؛ فإنها لاتفنى، وإذا أدبرتْ عنكَ » ما ينسب إلى بزرجمهر
«.
فأنفق، فإنها لاتبقى
وهكذا يبدو جلياً أن الحوائج كانت موضوعاً بارزاً من موضوعات الحِكم الفارسية
وأفكارها الرئيسة.
الخلال المنجية المردية في النفس البشرية (الطبائع)
إنّ في مقدمة القضايا التي استهدفتها حِكم الفرس السيرة الصالحة والسلوك النبيل
في الحياة؛ بما يحقق للإنسان سلامة النفس والبدن وحسن المآل. ومن الطبيعي تبعاً لهذه
الغاية أن يجد الباحث في حِكمة الفرس ذِكرَ محاسن الأخلاق ومعاليها إلى جانب ذكر
مساويها وسفاسفها. والمقصود من ذلك هو الترغيب بالتزام جادة الفضائل والمكارم،
والتنفير من الأخلاق الفاسدة المزرية. وعلي هذا فقد وجد الفرس في هذه الحِكم بَلسماً
لشفاء الضمائر البليدة والنفوس السقيمة.
1.
مكارم الأخلاق
يمكن القول إنّ أهمّ الفضائل التي دعت إليها حِكمُ الفرس هي:
العقل والعلم: ترفع الحِكمةُ الفارسية العقل إلى مرتبة عالية جِدّاً في سِلَّم الفضائل
قيل لأنوشروان: ما بَذْر جميع » : لايضاهيها في السّمو والرفعة إلاّ العلم. ويذكَرُ أنه
الفضائل؟ قال: العقل والعلم. قيل: هل فوق العقل والعلم شئ؟ قال: التوفيق يزينهما،
ابن مسكويه، 1952 م: 51 ) وتلحّ حِكم الفرس علي طلب العلم؛ الذي ) «. والخذلان يشينهما
لسنا بالكدّ في طلب المتاع الذي الذي » : هو سبيل لصلاح الدين والدنيا؛ فقد قال أحدهم
نلتمس به دفع الضر والعَيلة بأحق منا بالكد في طلب العلم الذي نلتمس به صلاح الدين
العلم علي أربعة » المصدر نفسه: 68 ) وتحدد حكم الفرس أفضل أنواع العلم، إذ ) «. والدنيا
أوجه: أن تعلم أصل الحق، الذي لايقوم إلاّ به، وفروعَه التي لابد منها، وقصدَه الذي
Archive of SID
www.SID.ir
47
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
موضوعات الحِكم والوصايا الفارسية وتوجّهاتها
(
المصدر نفسه: 7 ) «. لايقع إلاّ فيه، وضدّه الذي لايفسده إلا هو
خمسة أشياء من سجايا العلماء: ألا يأسَوا علي مافاتهم ولا » وفي آداب بزرجمهر
يحزنوا لما لم يصبهم، ولايرجوا مالاً يجوز لهم فيه الرجاء، ولايستكينوا ويفشلوا في
(
ابن مسكويه، 1952 م: 37 ) «. الشدة، ولا يبطروا في الرخاء
«.
نسخة كتاب بزرجمهرإلى كسرى » وثمة كلام أخير عن العلم والعلماء نجده في
(47- (
أنظر: ابن مسكويه، 1952 م: 48
القناعة والتواضع: وللقناعة والتواضع محل فسيح في عالم الحِكمة الفارسية. وتحدد
ما القناعة وما » : لنا حِكم الفرس معنى القناعة ومعنى التواضع، فيذكرُ أنه قيل لأنوشروان
التواضع؟ قال: أمّا القناعة فالرضا بالقسم، وسخاء النفس عما لاينبغي الرغبة فيه. وأمّا
التواضع، فاحتمال الأذى من كل أحد، ولين الجانب لمن هو دونك. وقيل له: ماثمرة
ابن ) «. القناعة، وما ثمرة التواضع؟ قال: ثمرة القناعة الراحة، وثمرة التواضع المحبة
(
مسكويه، 1952 م: 50
الحَزم: من الخلال الحميدة التي نبهت إليها حكِم الفرس الحزمُ؛ فقد جاء في آداب
المصدر ) «. من حزمِ الرجل ألا يخادع أحداً، ومن كمال عقله ألا يخدعه أحدٌ » بزرجمهر
انتهاز الفرصة عند القدرة، وترك الوني فيما » نفسه: 38 ) وتعرّف حِكمة الفرس الحزم بأنه
المصدر نفسه: 12 ) والحازم فيما أشكل عليه من الرأي بمنزلة من ) «. يخاف عليه الفوت
أضلّ لؤلؤةً، فجمع ما حول مسقطها من التراب، فنخله حتى وجدها، وكذلك الحازم
جامع فنون الرأي في الأمر المشكل، ثم يخلصه، ويسقط بعضه حتى يخلص منه الرأي
لاضعةَ مع حزمٍ، » الخاص. (المصدر نفسه: 13 ) والحزم ينزع عن أربابه شوائب الضعه، إذ
(
المصدر نفسه: 13 ) «. ولاشرف مع عجزٍ، الحزم مطية النجح، العجزُ يورث الحرمان
تعقيب: ليست مكارم الأخلاق التي أسلفنا الحديث عنها هي وحدها موضوعات
الحِكم الفارسية، فقد كانت ثمة أنماط خلقية دعت هذه الحِكم إلى التحلّي بها. فالحياء
ابن ) «. مَنْ ألبسه الحياءُ ثوبه، غطى علي الناس عيبه » يستر عيوب أصحابه، إذْ إنّ
المصدر ) «. مَنْ جمعَ السخاءَ والحياءَ، فقد استجاد الإزار والرداء » مسكويه، 1952 م: 17 ) و
ما أكلتَه راح » نفسه: 15 ) والكرم، بمقتضى حكمة الفرس، من أمهات الفضائل؛ ذلك أن
Archive of SID
www.SID.ir
48
التراث الأدبى
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
سماحةُ النفس المستحق البذل، » الثعالبي، 1301 ق: 14 ) والسخاء هو ) «. و ما أطعمتَه فاحَ
ما » ابن مسكويه، 1952 م: 8) وقد سُئل أنوشروان ) «. وبذل الرغائب الجليلة في مواضعها
(
المصدر نفسه: 52 ) «. محض الكرم؟ قال: الوفاء بالذمم
كما تهتم حِكم الفرس بالوفاء والزهد، والتقوى، والنية الصالحة، والأعمال الخيرة،
والكلام الحسن، والكياسة والدهاء والمروءة... إلخ.
2.
الخلال المزرية بالنفس الإنسانية (الرذائل)
كان موضوع حديثنا فيما تقدم، الوجه المشرق في مرآة الحِكم الفارسية، ممثلاً
بمكارم الأخلاق وأمهات الفضائل. وتبعا لطبيعة البحث، فإنه لابد من نظرة إلى الوجه
الآخر أو القاتم، الذي يمكن تبيينه من خلال كلامهم في العيوب الخلقيه التي تحطُّ من
قيمة الإنسان وتهبط به إلى أدنى مستويات الضّعة والمهانة. علي أن أهم تلك المثالب
والمساوئ الخلقية الوضيعة التي أبْرَزتها حِكم الفرس ونفّرت منها:
الهوى: والهوى آفة الآراء وطريق المزالق والأخطاء ترنو إليه النفسُ الفارسية
ما الذي يعرفُ » : بشزْرٍ، وبغضة. والهوى شَينٌ للملوك ومنقصة؛ فقد قيل لأنوشروان
به الوالي رضا الرب عنه؟ قال: ما رضى اللهُ عن والٍ لايدع لذاتِه وهواه، ولايترك
المصدر نفسه: 50 ) و ) «. شهواته في إصلاح رعيته وبَسط العدل فيهم، ورفع الظلم عنهم
المصدر نفسه: 36 ) وقيل ) «. أنفذُ شئ في هلاك الإنسان الهوى المتبع » في آداب بزرجمهر
سَمعناكم تقولون: مَنْ كَرِهَ العارَ، فليتجنبْ خمس خصال، فما هي؟ قال: » : لأنوشروان
أيّ » : المصدر نفسه: 57 ) وقيل له ) «. نعم؛ الحِرص، والشّح، واحتقار الناس، والمطل بالعِدة
(
المصدر نفسه: 60 ) «. الأشياء أولى بالاجتناب؟ قال: أجلها نصيباً من الهوى
الجهل والجهلاء: صبَّتْ حِكمُ الفرس جام غضبها علي الجهل ومن وقعوا فريسة
ثماني خصال من طباع » : له. ونجد في هذه الحِكم تحديداً لصفات الجُهّال؛ إذ تقول
الجهال: الغضبُ في غير معنى، والإعطاء في غير حق، إتعاب البدن في الباطل، وقلة
معرفة الرجل صديقه من عدوّه، ووضعه السِّر في غير أهله، وثقته بمن لم يجربه، وحُسن
المصدر نفسه: 12 ) ويذكر أنه قيل ) «. ظنّه بمن لاعقل له ولا وفاء، وكثرة الكلام بغير نفع
Archive of SID
www.SID.ir
49
التراث الأدبى  السنة الثانية  العددالسابع
موضوعات الحِكم والوصايا الفارسية وتوجّهاتها
ابن ) «. ما بالكم لاتعاقبون الجَهَلة، قال: لأنّا لانريد من العميان أن يبصروا » : لبزرجمهر
ما ورَّثت الآباءُ الأبناءَ شيئاً أفضل من الأدب؛ » : 3) وينسب إليه قوله / قتيبة، 1952 م: 103
(2/
المصدر نفسه: 120 ) «. لأنها تُكتسب المالُ بالأدب، وبالجهل تتلفه فتقعد عُدما منهما
تعقيب: ثمة رذائل أخرى كثيرة أشارت إليها حِكمُ الفرس، بإسلوب غاية في التحذير
والتنفير، من مثل: الغضب والشهوة والحقد والنميمة والبغي واللجاج... إلخ.
الموضوعات الدينية في الحِكم الفارسية
تشغل القضايا الدينية حيزاً كبيراً في ديوان الحِكمة الفارسية. وهذا يتمشّى مع طبيعة
الاهتمام الذي يظهره الفرسُ إزاء دينهم، حيث يكنُّون له احتراماً منقطع النظير فالدين
الثعالبي، 1301 ق: 14 ) ويحدد لنا بزرجمهر الحكيم ) «. العُقدة والعُمدة والعُدة » : عندهم هو
فإن قيل: ما دين الله؟ قلتُ: دينُ الله: الحَسنات، وحُسن » : ماهية الدين عند الفرس، فيقول<



:: موضوعات مرتبط: التراث الأدبى , ,
:: بازدید از این مطلب : 1453

|
امتیاز مطلب : 7
|
تعداد امتیازدهندگان : 2
|
مجموع امتیاز : 2
تاریخ انتشار : سه شنبه 14 آذر 1391 | نظرات ()
مطالب مرتبط با این پست
لیست
می توانید دیدگاه خود را بنویسید


نام
آدرس ایمیل
وب سایت/بلاگ
:) :( ;) :D
;)) :X :? :P
:* =(( :O };-
:B /:) =DD :S
-) :-(( :-| :-))
نظر خصوصی

 کد را وارد نمایید:

آپلود عکس دلخواه: